المدونات والبودكاست

pattern@2x

خمس فوائد لتعليم وتعلم التسامح في حصص التربية الإسلامية


إن التسامح له قيمة مهمة في الشخصية الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة. إن الرحلات التجارية التاريخية إلى الدول المجاورة، وتقاليد حل الخلافات القبلية، ووحدة الوطن، جميعها تشهد على روح التسامح الراسخة في نفوس الشعب الإماراتي على مدى العديد من الأجيال. صرّح مؤسس الدولة الشيخ زايد أن "التسامح واجب. إذا كان الله الأكبر، الخالق، غفورًا، فنحن جميعًا إخوة. الصديق أخونا والخاطئ أخونا. نحن لا نهجرالخاطئ ولا نتخلى عنه، بل يجب علينا أن ننقذه وندعمه حتى يعود إلى الطريق الصحيح ".

نظرًا للأجواء المضطربة التي شهدتها المنطقة، فقد أصبح من الضروري إضفاء الطابع المؤسسي على التسامح من خلال المؤسسات المجتمعية المختلفة. إن التربية الإسلامية بطبيعتها داعية للسلام والتسامح وحماية كرامة الجنس البشري. لقد قمت بالدراسة مع نافيد باكالي حالة التسامح في حصص التربية الإسلامية في الإمارات العربية المتحدة، حيث عملنا على صياغة خمس نقاط رئيسية لتوضيح فوائد رعاية التسامح في جيل الشباب من خلال مادة التربية الإسلامية. وقمنا أيضًا بتضمين بعض المنهجيات التي يمكن تنفيذها لضمان تحقيق هذه الفوائد.

1. اكتساب الرأفة بالخلق

إن التوجه المستمر في جميع جوانب دراسة التربية الإسلامية هو التعاطف مع الخلق. ومسؤولية الرحمة هي واجب تجاه الجميع سواءً الأرض والنبات والحيوان والإنسان. يمكن أن تتجلى قيمة التعاطف في الطريقة التي يعامل بها الشخص شخصًا آخر ويهتم به. عندما يتم غرس هذه الشخصية في الطلبة من خلال القيم القرآنية الأساسية مثل القبول والتفاهم وحب الإنسانية واحترام الآخر، وكذلك من خلال الاستعانة بالأمثلة الوفيرة في حياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه ومن تبعهم، نلاحظ تطور موقف الرعاية لدى الطلبة. يمكن للمعلمين وأولياء الأمور تعزيز الشخصية الحنونة من خلال النمذجة ورواية القصص التي تهدف إلى إثراء شخصيتهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشاركة في الحملات والأحداث الوطنية والدولية التي تظهر التعاطف، مثل التي تتعلق بالبيئة أو لدعم المحتاجين، هي أيضًا طرق محتملة لغرس موقفنا من التعاطف. يتم تحقيق التسامح من قبل الأشخاص المتعاطفين الذين ينبذون العداء والكراهية ويحبون الجميع بغض النظر عن العرق أو الدين أو الطبقة أو المستوى التعليمي أو أي اعتبار آخر.

2. المشاركة في المواطنة الإيجابية

إن القيم الراسخة تحتاج إلى أن تترجم إلى أفعال. تتحدث مناهج التربية الإسلامية في الإمارات العربية المتحدة ، إلى الطلبة بطريقة مناسبة من خلال تضمين الدروس التي تعالج اعتبارات الحياة العملية للاقتصاد والوعي البيئي والصحة والحياة الاجتماعية. ويوضح ذلك للطلبة تطبيقات التعاليم الإسلامية الأصيلة في عالمهم المعاصر ويكسر الحاجز الوهمي بين التعاليم الدينية ومحيط الطلبة. يمكن للمعلمين مساعدة طلابهم على تطوير موقف مشترك من خلال تقديم فرص التطوع والخدمة لهم وتعريفهم على الطرق التي يمكنهم من خلالها المشاركة في الأنشطة التي تتوافق مع اهتماماتهم ومع القيم التي يتعلمون عنها. إن العديد من الطلبة لديهم جيران يأتون من خلفيات دينية أو عرقية أو ثقافية مختلفة. من خلال تعلم كيف يؤدي التسامح إلى المواطنة الإيجابية ، سيتمكن الطلبة من إقامة علاقات بشكل أفضل مع مختلف أعضاء المجتمع. يزدهر التسامح في مجتمعات التماسك الاجتماعي حيث يشارك المواطنون بنشاط وإيجابية.

3. تنمية العقل والتفكير النقدي

إن اللتركيز الأساسي لمنهج التربية الإسلامية في دولة الإمارات العربية المتحدة هو قيمة العقل في التعاليم والتقاليد الإسلامية. حيث يركز المنهج على ترسيخ مفاهيم العقلانية في الإسلام. وتؤكد الدروس التي يتم تدريسها في فصول التربية الإسلامية على التفكير والتفكير الاستنباطي والتفكير النقدي ومنهجيات البحث وذلك بتجهيزهم بهذه المهارات، ويكتسب قدرة فكرية تمكنهم من تمييز الشخص الأصيل من المزيف، وحمايتهم من الأفكار المضللة. يمكن للمعلمين تطويرهذه القدرات لدى طلابهم من خلال إشراكهم في حوارات ودراسات الحالة التي تمكنهم من تطوير مناهج لحل المشكلات. يعد تدريس المنطق أيضًا طريقة فعّالة لبناء مهارات التفكير النقدي. يزدهر التسامح في بيئات العقل والتفاهم المتبادل والحوار.

4. تقدير الاختلافات

يؤكد منهج التربية الإسلامية في دولة الإمارات العربية المتحدة على دور الاختلاف في التقاليد كمحرك لإثراء التقاليد العلمية والارتقاء بها. يتم تدريس هذا في جميع المناهج الدراسية، ولكن على وجه التحديد في الصف العاشر. يأخذ الطلبة درسًا كاملاً في دراسة الفقه، والطرق التي تختلف بها، والتقاليد الغنية التي نتجت عن هذه الاختلافات. يعلم المنهج الطلبة أن الاختلاف ليس شرعيًا فحسب، بل هو أيضًا صفة فطرية للإنسانية. يتعلم الطلبة كيفية احترام علماء مدارس الفكر المختلفة ويتعلمون من بعضهم البعض. يمكن للمعلمين ربط هذه الدروس بحياة الطلبة اليومية من خلال تعريضهم لحالات لعب الأدوار والسيناريوهات التي يمارسون فيها مواجهة بعضهم البعض بآراء مختلفة وتعلم كيفية التعامل معها بطريقة مناسبة، دون التخلي عن آرائهم وأفكارهم. نتيجة لذلك، يعزز منهج التربية الإسلامية مجتمعًا أقوى وأكثر صحة في مدارس الإمارات العربية المتحدة وخارجها. يمكن للمعلمين أيضًا ربط هذا التقدير للاختلافات بقانون مكافحة التمييز الذي تم إصداره في الإمارات العربية المتحدة في عام 2015.

5. مواجهة التطرف والايديولوجيا المتطرفة

يتناول منهج دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل صريح قضية التطرف وأسبابه وآثاره على المجتمع. من خلال هذه المناقشات، يطور الطلبة وعيًا بالخطاب المستخدم للتلاعب بالناس تجاه التطرف. و يضع المعلمون الطلبة على المسار الصحيح من خلال تعريفهم بالتقاليد ومصادرها وتوجيههم إلى المصادر الصحيحة لاكتساب المعرفة الأصيلة. إن هذه هي المعرفة التي تم التعرف عليها من قبل من وكيف تم نقل المعرفة، مع التحقق من صحة مصدر المعرفة ونقلها. نتيجة لذلك، يطور الطلبة القدرة على البحث عن مزيد من المعرفة الدينية من خلال مصادر معتمدة بدلاً من التعرض للأصوات المتطرفة أو غير الموثوقة على وسائل التواصل الاجتماعي. يجد التسامح أرضًا خصبة تنمو عندما يتم دفع التطرف إلى السطح الخارجي.

يمكن للتحديات المعاصرة لعالم اليوم أن تتخذ أشكالًا مختلفة، لكن جيلًا مجهزًا بقيم التسامح المتجذرة بعمق سيقف بحزم في مواجهة الدعوات المتطرفة، سواء كانت ذات طبيعة دينية أو سياسية أو اقتصادية. عندما يقيم الشباب من خلفيات مختلفة روابط متسامحة مع بعضهم البعض، فإنهم يشكلون نوعًا من الروابط التي تؤدي إلى مجتمع قوي وبلد مزدهر.