المدونات والبودكاست

pattern@2x

وصفة التعليم: دولة الإمارات العربية المتحدة 2018 – برنامج تبادل المعلمين في فييتنام

 

لقد حالفني الحظ في أن أكون واحدة من ضمن العشرون معلماً ممن تم اختيارهم للمشاركة في برنامج تبادل المعلمين المنظم من قِبل مؤسسة القاسمي ووزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة بهدف اكتساب المعرفة حول أنظمة التعليم في فييتنام.

وقد قمنا خلال الزيارة بإجراء المرحلة الأولى من مشاريع البحث بمقارنة أنظمة التعليم والفصول الدراسية والمعلمين والإدارة وسياسات الوزارة بين فييتنام ودولة الإمارات, وذلك للنظر في احتمالية تطبيق تلك المعايير في مدارسنا المحلية بهدف تطوير أداء الطلبة ونتائج التقييم الدولية. 

تم اختيار فييتنام للأسباب التالية:

  • تتشابه فييتنام مع دولة الإمارات في كونها أمة جديدة نسبياً حيث تم تأسيسها في عام 1976.
  • تواجه فييتنام العديد من التحديات الاقتصادية ومع ذلك فإنها واحدة من أبرز الدول في نتائج تقييمات الطلبة الدولية مثل PISA و مواد STEM مثل الروبوتات التي تُعد من النقاط الأساسية التي تهدف دولة الإمارات إلى تطويرها.
  • تضع فييتنام التعليم ضمن أولوياتها, حيث أنها تخصص 21% من ميزانيتها السنوية للتعليم. ترى فييتنام التعليم على أنه المحرك للتغيير والازدهار المستقبلي للدولة. وعلى النظير من ذلك, فإن دولة الإمارات خصصت 17% من ميزانيتها السنوية للتعليم في عام 2018.
  • حكومات دولة الإمارات وفييتنام لديهم خطط طويلة المدى تجاه التعليم, وتلك الخطط مدمجة ضمن برامجهم الوطنية.   

لقد قمنا بزيارة العديد من المدارس الثانوية الحكومية والخاصة بالإضافة إلى بعض المعاهد التعليمية. كما قمنا أيضاً بزيارة وزارة التربية والتعليم في هانوي وتشرفنا بلقاء مدير عام الوزارة.

جذبني جداً الاقتباس المكتوب خارج الوزارة "إذا كنت تخطط لعام واحد, فازرع الأرز, وإذا كنت تخطط لعقد من الزمان, فازرع شجرة, وإذا كنت تخطط لمدى الحياة, فعلّم البشر". وقد شارك كل عضو من المجتمع الفييتنامي هذه الفكرة معنا وكانت الموضوع المتكرر طوال رحلتنا.

أهمية التعليم راسخة في ثقافة ومعتقدات الفييتناميين. كل فرد في المجتمع هو جزء لا يتجزأ من آلية التعليم. الجميع في فييتنام من أفراد المجتمع والطلبة والآباء والمعلمين وأعضاء الوزارة يدركون تماماً أن جهودهم تساهم في اتخاذ قرارات حكيمة.على سبيل المثال, أعضاء الوزارة الذين قمنا بزيارتهم يدرسون بشكل مستمر التحديات التي تواجهها فييتنام في تعليم الجيل الشاب من الطلبة. ويقولون أنهم "في المطبخ ويعلمون وصفة التعليم".

ولكن ليس أعضاء الوزارة فحسب من لهم نصيب في اتخاذ القرار, وإنما الجميع لديهم صوت مساهم في تلك النقاشات والقرارات وهم جزء من التغيير. وهو مختلف تماماً عن إعطاء الأوامر أو الإزالة من مجموع تنمية المناهج والسياسات والإجراءات. قلة من الدول الأخرى أبدت المستوى ذاته في التوعية والتفكير المتقدم والحاسم. 

رأينا أن المعلمين راضون تماماً عن وظائفهم, على الرغم من مرتباتهم المنخفضة إلا أن معدلات الاستقالة قليلة. جزء من مستوى رضاهم يكمن في أن المعلمين في فييتنام لديهم موضع تقدير عالِ جداً في المدرسة والمجتمع. احترام المعلمين هو من قيم تقاليد فييتنام. الطلبة يستمعون ويتعلمون جيداً حتى وإن كانوا في فصول كبيرة الحجم. قد يكون ذلك سمة ثقافية, ولكنه يعكس بصورة شاملة المراتب في أنظمة التعليم, والتي تمتد إلى ما أبعد من تقديم الدروس في المدرسة فحسب, فموضع المعلمين له تأثير على جميع جوانب رضا الطالب ودعمه.

في آخر يوم لنا في هانوي, قمنا بعرض النتائج الأولية لمشاريع البحث التي كنا قائمين عليها للأساتذة الفييتناميين. ولخصت عروضنا ملاحظاتنا الأولية وناقشت الاستراتيجيات والآليات المختلفة التي سنطرحها كتوصيات لوزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات ليتم تطبيقها. 

إحدى الملاحظات الرئيسية التي تم تسليط الضوء عليها من قِبل معلمي دولة الإمارات كتأثيرات سياسية على الدولة هو أنه بالرغم من أن فييتنام تواجه العديد من التحديات المالية كدولة نامية, إلا أنها تحقق نتائج عالية في التقييمات الدولية. وعلى النظير من ذلك فإن دولة الإمارات تواجه تحديات في نتائج التقييمات الدولية مع أنها تمتلك العديد من الموارد المالية. وبالنظر إلى قصور الموارد المالية لفييتنام, فإن أنظمة التعليم لفييتنام تبني منهاجها بشكل مختلف ونجاح كبير.

على سبيل المثال, تتوافر التكنولوجيا بشكل كبير في الفصول الدراسية في دولة الإمارات على عكس الفصول الدراسية في فييتنام, ومع ذلك فإن فييتنام هي واحدة من أبرز الدول في مجالات STEM مثل الروبوتات. يتم تعليم الطلبة في فييتنام المبادئ والمهارات التأسيسية في المدارس الابتدائية قبل التوجه إلى استخدام التكنولوجيا في المدارس الثانوية (كالحاسوب وغيرها). من المهم لدولة الإمارات أن تتبنى هذا المنهاج من منظور سعيها إلى أن تصبح قوة عالمية في مجالات STEM كالروبوتات والتكنولوجيا والابتكار والذكاء الاصطناعي وغيرها. تركز دولة الإمارات حالياً على الحلول قصيرة المدى في توفير التكنولوجيا في الفصول الدراسية عوضاً عن التركيز على تنمية وتكامل المهارات المطلوبة لاستخدام التكنولوجيا في المنهاج الدراسي. 

هناك فرق مهم آخر بين أنظمة التعليم التي أشار إليها المعلمون وهو أن التعليم في دولة الإمارات ضمن الأجندة الوطنية للدولة إلا أنه غير مدمج مع الثقافة كما هو الحال في فييتنام. وقد نال إعجابنا بالأخص كيفية مشاركة كافة أفراد المجتمع بإحداث التغيير في فييتنام. يرغب المعلمون في دولة الإمارات أن يكون لهم جزء في التغيير واتخاذ القرارات والإصلاحات كونهم مؤيدين وخبراء. وأبهرتنا أيضاً خيارات التنمية المهنية التي يملكها المعلمون في فييتنام ونرغب نحن كمعلمين أن تكون لدينا الخيارات نفسها.

كان محتوى بحث الرحلة ملهماً وقد أبرز تجربة تبادل المعلمين بكفاءة. العديد من زملائي المعلمين كانوا ملهَمين بالتجربة وعلّقوا قائلين: "آلية مقارنة التعليم بين الدولتين ستساهم في تشكيل التعليم لدينا بمنظور أكثر تحليلاً وتركيزاً". وقال آخرون: "من المحتمل جداً أن نتحدث لزملائنا خلال حلقة نقاشية حول تجربتنا في هذا البحث وحول برنامج تبادل المعلمين. اقتنعنا بأهمية العمل المشترك مع المعلمين من دول أخرى".  بشكل عام, نحن سعداء جداً بتجربتنا في فييتنام ونتطلع إلى عرض مشروع البحث كاملاً لوزارة التربية والتعليم خلال فصل الخريف, ونأمل أن يكون لذلك تأثير على سياسة وممارسات دولة الإمارات.

رهام زهران هي معلمة سابقة وحالياً تعمل كمنسقة اتصال مجتمعي في أكاديمية رأس الخيمة. وهي أيضاً عضو في جمعية رأس الخيمة للمعلمين وستكون مدربة لإحدى تدريبات التنمية المهنية للمعلمين في مؤسسة القاسمي خلال فصل الخريف. لمعرفة المزيد حول برنامج تبادل المعلمين يرجى زيارة موقع المؤسسة . لطلب العضوية في جمعية رأس الخيمة للمعلمين ومعرفة المزيد حول التدريبات يرجى زيارة الموقع 



محتوى ذو صلة