على الرغم من أن تصنيف نظام التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة هو الأول ضمن الدول العربية، إلا أن نظام التعليم ككل يحقق حالياً معدلات أدنى من متوسط منظمة تعاون الاقتصاد المشترك والتنمية، وذلك بناءً على التكرار السادسلامتحانات البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (بيسا) للقراءة والعلوم والرياضيات.
يمتحن إختبار (بيسا) في كل عام الطلبة ممن هم في سن الخامسة عشر من جميع أنحاء العالم لقياس مدى أدائهم في اتقان المواضيع الرئيسية من أجل الاستعداد للمواقف الحياتية المحتملة بعد المرحلة الثانوية. كجزء من استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2021، فإن دولة الإمارات أعدت هدفاً لكي تكون ضمن أفضل 20 دولة في نتائج اختبارات (بيسا) بحلول عام 2021، ولكن عليها أن تصعد 24 مرتبة من ترتيبها الحالي ال44 في العلوم والرياضيات). وعليها أيضاً أن تتفوق على بعض الدول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وفقاً للتصنيف العالمي لبيسا.
ولا تقتصر رؤية 2021 على تحقيق المركز الأول في نظام التعليم فحسب، وإنما هي تنظر إلى هذا النظام كعامل داعم لانتقال الدولة إلى اقتصاد المعرفة التنافسية الذي يعزز الابتكار والبحوث والتنمية. ومن هنا يأتي السؤال، ما هي بعض الاستراتيجيات التي يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة استخدامها لزيادة كفاءة إنجاز الطلبة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بالإضافة إلى إلهامهم وتثقيفهم حول المهن المستقبلية في هذه المجالات؟
إحدى الخيارات هي أن تتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة نهج جامعة الأطفال، وهونهجيحظى حالياً باهتمام كبير حول العالم على مدى ال15 عاماً الماضية. أُنشئ هذا النهج في جامعة تيوبنجن في ألمانيا في عام 2002 والتي تعاونت مع جامعة إنسبراك في إنشائه، حيث يقوم محاضرو الجامعات بشرح الأفكار المعقدة واستخدام جميع السبل المتاحة لشرح مفاهيم مختلفة مثل السبب وراء ضربات القلب، وسبب عدم سقوط النجوم من السماء. هناك أيضاً يوم البحث في جامعة الأطفال، حيث يستطيع الطلبة تجربة عدد من التجارب المختلفة، علاوة على وجود موقعهم الإلكتروني الذي يسلط الضوء على بعض الأنشطة مثل نحت عملاق العصر الحجري، ومعالجة يد مكسورة في المستشفى، وأيضاً التحديق في النجوم في معهد علم الفلك والفيزياء الفلكية.
تقليدياً، نظمت الجامعات حول العالم فعاليات منفصلة لمرة واحدة في العلوم والتكنولوجيا واللغة الانجليزية والرياضيات، وقد استهدفت هذه الفعاليات الأطفال من مختلف الأعمار. وفي الوقت الحالي، تستكشف العديد من الجامعات طرقاً متقدمة، كجامعات الأطفال، لإنشاء منصات مستمرة وثابتة لدعم أنشطة العلوم اللاصفّية لدى الأطفال لجذب اهتمامهم في مجالات العلوم والتكنولوجيا واللغة الانجليزية والرياضيات في سن مبكّرة قدر الإمكان.
يتضمن نهج جامعة الأطفال فعاليات وبرامج منتظمة، كالمحاضرات وورش العمل والملتقيات والمنافسات التي تنظمها الجامعات لتعزيز اهتمام الأطفال في البحوث والتحليلات العلمية. تساهم هذه البرامج في تعزيز أهمية العلوم والرياضيات، وتعزيز القدرات الابتكارية والعلمية لدى الأطفال، كما تهيئهم للانتقال من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الجامعية. وحتى الآن، شاركت أكثر من 200 جامعة وحوالي مليون طفلاً في مبادرات جامعة الأطفال حول العالم.
في البرنامج المصري، يُمنح أطفال المدارس من عمر التاسعة وحتى الخامس عشر الفرصة للقاء أساتذة الجامعات، والتدرب في المختبرات، وإطلاعهم على التعليم الجامعي ضمن عدد من المجالات مثل الطب والزراعة والعلوم والفنون والتعليم وعلوم الحاسوب. وفي نهاية البرنامج، يتوجب على كل طفل العمل على مشروع بحث علمي، ويحصل المشروع الفائز من كل دائرة على شهادة وجائزة مادية. كما يحصل الطلبة المتوفقون أيضاً على فرصة لزيارة جامعات أطفال أخرى حول العالم.
ونتيجة للتوسع المستمر لنهج جامعات الأطفال عبر قارة أوروبا، أدت الحاجة وراء تبادل الخبرات إلى إنشاء شبكة جامعات الأطفال الأوروبية. تقدم هذه الشبكة لجامعات الأطفال الحالية منصةً لتبادل الأفكار وتعلم كيفية الإنجاز والاستفادة من أمثلة أفضل الممارسات. وبالإضافة إلى ذلك، تقدم هذه الشبكة الدعم والنصح للمعاهد والمنظمات، وللمسؤولين عن التخطيط لأنشطة جامعات الأطفال. وأيضاً، يستطيع أي شخص مهتم بالتواصل العلمي للأطفال والمراهقين، كالوالدين والمعلمين، الحصول على معلومات والمشاركة في الشبكة.
هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، يمكن إعداد جامعات الأطفال من خلال الشراكات بين المدارس والجامعات المحلية. ولدى إمارة رأس الخيمة، كونها إمارة صناعية، الفرصة لقيادة الإمارات الستة الأخرى في إعداد العلماء المستقبليين بإطلاق مبادرات جامعات الأطفال.
يمكن لهذه الجامعات التي سيكون مقرها رأس الخيمة التوسع في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتعزيز مركزها لإطلاق شبكة جامعات الأطفال الإماراتية. ستتمكن هذه الشبكة من أن تلعب دوراً هاماً في دعم جودة التعليم في العلوم والتكنولوجيا واللغة الانجليزية والرياضيات، ودعم إنجاز الطالب وآفاق المستقبل المهني. ويمكن إطلاق شبكة مماثلة من شأنها أن تخدم منطقة الخليج العربي بشكل كلّي، وأن تدعم مستقبل العلماء العرب، وأن تقدم موارد باللغة العربية وتجارب سياقية، بالإضافة إلى تعزيز جيل المعرفة المحلي، وإلهام الشباب لحل المشكلات بشكل إبداعي لتخطي التحديات المستقبلية.
د. وجدي سواحل هو استشاريرئيسي أول في التعليم والعلوم والتكنولوجيا والابتكار واقتصاد المعرفة. وقد نشر العديد من التقارير حول تنمية التعليم العالي والعلوم في أخبار الجامعة العالمية، والفنر للإعلام، وشبكة العلوم والتنمية في لندن، ومراقبة الملكية الفكرية في سويسرا، وغيرها.
تم استخدام الصورة في الأصل في مقال خليج تايمز.