المدونات والبودكاست

لماذا تُعطى الأولوية لرعاية صحة الإنجاب لدى النساء في دولة الإمارات؟

Written by ميرا موسى | أكتوبر 06,2019

 

صحة الإنجاب لدى النساء هي محدد رئيسي للصحة العامة وصحة الأجيال القادمة، وكما بينت الدراسات بأنها ميزة مركزية للتنمية البشرية (مثال، بأن صحة الأم لها تأثيرات تكاملية على صحة الأبناء). هناك حاجة لأولوية الاهتمام لفهم التفاعل البيولوجي والمحددات الاجتماعية لدى صحة النساء لضمان حصول النساء على رعاية شاملة وذات جودة عالية تلبي احتياجاتهن. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز وإعادة تشكيل السرد حول الصحة الإنجابية ضرورة وأولوية مهمة، ليس فقط للوصول إلى استراتيجيات وقائية فعالة وإنما أيضاً لتمكين النساء من الحصول على أفضل حياة صحية ممكنة.

في منطقة الخليج العربي، هناك نقص في البحوث حول صحة الإنجاب لدى النساء، كما أن هناك ضعف في فهم تلك الدراسة. إن من شأن التحقيق في العوامل الجينية والبيئية التي تأثر في صحة الإنجاب لدى النساء أن تطورالرعاية الكلية للنساء في الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم العربي. ونظراً للتأثيرات المحتملة لهذه العوامل على الحيوات الشخصية للنساء وعوائلهن بالإضافة إلى اقتصاد دولهن، يجب أن تكون رعاية الإنجاب لدى النساء تركيزاً استراتيجياًلتعزيز فهمنا حول الطرق المعقدة التي تؤدي إلى التشخيصات، والوقاية، والكشف المبكر لأمراض صحة الإنجاب المزمنة.

وإن ذلك واقعي بشكل خاص في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أن النساء لديهن أعلى نسبة انتشار لمشاكل صحة الإنجاب والعقم في العالم. قد يكون ذلك بسبب معدلات السمنة، أو زواج الأقارب، أو قلة فيتامين د، أو قلة التوعية لدى المراهقين حول صحة الإنجاب والعادات والتقاليد التي تعيق التثقيف، والفحوصات الروتينية، والسموم البيئية بسبب التلوث والمواد الكيماوية. كل هذه العوامل مفصلة أدناه.

  • تم تصنيف دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن أعلى معدلات السمنة عالمياً، حيث أن ما يقارب 70-75% من الشعب يعانون من السمنة أو زيادة الوزن، وإن مخاطر السمنة لدى النساء تعد أكبر بما يعادل 50-100% مقارنة بالرجال. قد يعود ذلك بسبب قلة النشاط البدني، والحدود الثقافية التي تعيق مشاركة النساء في الفرق الرياضية، بالإضافة إلى قلة التعليم البدني في منهاج معظم مدارس البنات العامة.
  • معدل زواج الأقارب يغطي 50% من نسبة الزواجات في تعداد السكاني الإماراتي، مما يؤدي إلى ضعف الوظائف، والطفرات، وزيادة احتمالية الأمراض الوراثية.
  • على الرغم من أشعة الشمس الوفيرة، فإن 90% من سكان دولة الإمارات العربية المتحدة يعانون من نقص فيتامين د مما يؤدي إلى عدم توازن الهرمونات وزيادة معدلات الإجهاض والعقم.
  • أثبتت دراسة أجريت على 1000 امرأة إماراتية بأن 91% منهن افتقرن للمعرفة حول صحة الإنجاب والأمراض المحتلمة، وعدم معرفتهن بأن هذه الأمراض ترتبط بالعقم وتعقيدات قد تهدد الحياة لاحقاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن عيادات طب النساء في دولة الإمارات العربية المتحدة لطالما عُرفت ثقافياً بكونها المقصد الأول لمعظم النساء المتزوجات اللواتي يبحثن عن الفحوصات المنتظمة. هذا يعني أن النساء في عمر الإنجاب قد يعانين من آلام مزمنة بشكل يومي أو اضطرابات حيضية قد تكون أعراض لمشاكل أكبر، ولكن قلة المعرفة الكافية والمعوقات الثقافية التي تحيط بصحة المرأة قد تمنعها من مناقشة هذه المشاكل وزيارة مختص الرعاية.
  • التعرض للسموم البيئية من التلوث أو المواد الكيماوية كالزئبق في السمك قد يزيد من الخطر من خلال تغيير انتشار مستويات الهرمون والتأثير على جهاز المناعة.

نظراً لهذه العوامل وغيرها، فقد انخفضت معدلات الخصوبة بما يقارب 77% لدى التعداد السكاني الإماراتي منذ عام 1985. وقد أصدرت هيئة الرعاية الطبية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة بياناً يوضح بأنه بحلول العقد القادم سيتضاعف معدل عدم الخصوبة لدى الأزواج في حال عدم وجود حلول لتطوير صحة الإنجاب لدى النساء.

هناك استنتاج آخر يبين بأن مشاكل صحة الإنجاب هذهقد تكون لها أعراضاً جانبية ونتائج شاملة من المنظور الكلي لصحة الإنجاب. ومن أعراض مشاكل صحة الإنجاب هي العقم، وآلام الحوض المزمنة، والاضطرابات الحيضية، كما يمكن أن تؤدي إلى مخاطر قد تهدد الحياة كالسرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري. وتتسبب هذه الأعراض في التغيب عن المدرسة والعمل، وضعف المحصلات الأكاديمية، وانخفاض العلاقات الاجتماعية، وزيادة مخاطر القلق والاكتئاب، واحتمالية الوفاة.

من المهم الكشف عن وعلاج الأعراض في مرحلة مبكرة للوقوف عند الاختلالات الأساسية التي تديم المرض، وهذا ما سيتم النظر فيه من خلال السياسات والممارسات والدراسات على المستوى الحكومي والمدارس ومكاتب الأطباء والمنازل. إن التشخيص المتأخر لمشاكل صحة الإنجاب من شأنه أن يفاقم المشكلة، وجعلها أكثر صعوبة للحل عوضاً عن كونها مشكلة ذات علاج سهل. وبالتالي، إنه لمن الضروري على النساء الشابات أن يكنّ مثقفات ومتقبلات لمناقشة مشاكلهن الجسدية، وأن يتلقين الدعم في الحصول على الرعاية الوقائية لضمان الانتقال الصحي إلى مرحلة البلوغ والتقليل من مخاطر العقم والحالات المزمنة التي قد تهدد الحياة.

ومن باب حرص صانعي السياسات على المدى البعيد للسياسات الصحية والتنظيم الفعال، فإنه من المهم استكشاف الفرص التي تنمي صحة النساء. هناك حاجة لتوافر الفرص المبتكرة في دولة الإمارات العربية المتحدة للوقوف عند التحديات الصحية الفريدة والمحددات السلوكية لصحة المرأة. إن زيارة العيادات النسائية مرتين في السنة، والتثقيف بالطب النسائي لزيادة التوعية الصحية من شأنه التأثير على النساء وتشجيعهن على تشخيص بعد الأعراض التي قد تؤثر على الأنشطة الصحية اليومية. بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة التوعية الصحية والتقليل من الحالات الصحية المزمنة وتعزيز الرعاية الصحية يؤدي إلى انخفاض مخاطر فقدان النساء للأمومة.

مشروع جمعية بحوث المرأة في الشرق الأوسط، وهو تعاون ما بين جامعة أوكسفورد، وجامعة هارفارد، ومؤسسة بحوث بطانة الرحم الدولية المدعومة جزئياً من قِبل مؤسسة القاسمي. هذا المشروع هو الأول من نوعه في استكشاف المشاكل الصحية العامة لدى النساء والتي من شأنها توفير فهم أفضل حول الانتشار، وعوامل الخطر والأعراض في أنماط صحة النساء في دولة الإمارات العربية المتحدة. من خلال التعلم الأفضل حول العوامل البيولوجية والوراثية والبيئية المرتبطة بالنساء الإماراتيات، ستصبح لدينا ثقافة أفضل لاتخاذ قرارات صائبة للاستثمار في أنظمة المعلومات الصحية لتحديد عوامل الخطر، والمساهمة في تحديد أهداف صناعة السياسات، وزيادة التوعية العامة، وإتاحة استراتيجيات تعليمية رسمية.

 

ميرا موسى هي مرشحة لدرجة الدكتوراه في إدارة صحة النساء والإنجاب في جامعة أوكسفورد. تركز بحوثها على التعليم والوعي حول صحة النساء. تتعاون ميرا مع جامعة هارفارد ومؤسسة بحوث بطانة الرحم الدولية لتصبح جزءاً من دراسة عالمية لزيادة الوعي حول حالات صحة النساء لدى المهنيين الطبيين والعامين، ولتوفير الدعم للعوائل والمرضى، ولتعزيز تعليم البنات والنساء لزيادة التثقيف حول صحة الإنجاب.