المدونات والبودكاست

pattern@2x

تعليم القراءة باللغة العربية: لا تنسَ العقل!

تعلم القراءة ضروري لنجاح الأطفال في المدرسة وهو موجود في كل مكان في الحياة اليومية حول العالم. من قراءة الكتب المدرسية والامتحانات إلى لافتات الشوارع ورسائل البريد الإلكتروني والتطبيقات، تعد القدرة على القراءة بطلاقة مهارة قيمة في العالم الحديث. على الرغم من أهميتها، غالبًا ما يعاني الأطفال الذين يتعلمون القراءة باللغة العربية، حيث يتراجعون عن المتوسط العالمي في درجات القراءة.

بالنظر إلى أن تعلم القراءة ينبئ بالنجاح الأكاديمي والمهني، تستثمر دولة الإمارات العربية المتحدة في برامج جديدة مصممة لتحسين اكتساب القراءة في مدارس رأس الخيمة. وعلى وجه الخصوص، تم تصميم منهج "اقرأ" بدعم من مؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة وهو يبشر بالخير في الاختبارات التجريبية المبكرة. يستخدم الكتاب المدرسي لمنهج "اقرأ" مبادئ من علم الأعصاب الإدراكي لتحسين تعلم الحروف من خلال تعزيز الخصائص المرئية لكل حرف. من خلال زيادة الحجم والتباعد بين كل رمز، يمكن للطفل أن يتعلم بسهولة التعرف على الحروف الفردية.

نحن نعلم من عقود من البحث أن العقل يتطلب سنوات عديدة من التعليم والممارسة لتطوير القدرة على القراءة بطلاقة بشكل كامل، وفي أولئك الذين يفشلون في تعلم القراءة (على سبيل المثال، أولئك الذين يعانون من عسر القراءة)، فإن شبكة القراءة في العقل لا تتطور بشكل صحيح. ومع ذلك، نظرًا لأن معظم الأعمال السابقة تم إجراؤها باللغات الغربية (مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية وما إلى ذلك)، فنحن نعرف القليل نسبيًا عن هذه العملية للغة العربية وما إذا كان تدخّل الكتاب المدرسي يمكن أن يساعد في تحسين استجابة العقل للكتابة. إذا احتاج العقل إلى نوع مختلف من التعليمات أو فترة زمنية أطول لتطوير هذه الخبرة للغة العربية مقارنة بالأبجديات الأخرى، فسيكون لذلك آثار على السياسة التعليمية في الإمارات وخارجها.

لقد أتيحت لي الفرصة مؤخرًا لتسجيل استجابات العقل لأطفال الصف الأول الذين ينهون عامًا واحدًا من تعليم القراءة باستخدام تدخّل كتاب "اقرأ" المدرسي. سمح لي هذا العمل، الممول من مؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة، بمقارنة استجابات العقل لدى الأطفال اللذين يتلقون التدخل مع استجابات العقل لدى الأطفال من نفس المدارس، الذين تم تعليمهم القراءة باستخدام المنهج التقليدي.

عندما يتعلم الأطفال في أي ثقافة القراءة لأول مرة، يتطلب العقل جهدًا مبكرًا كبيرًا لمعالجة الحروف. هذا لأن الحروف تعتبر أشياء جديدة في البداية، ويحتاج العقل إلى التركيز على معالجة الرسالة وفهم خصائصها. عندما يتعلم الأطفال الأحرف وتصبح مألوفة، يتطلب العقل جهدًا أقل وتزداد سرعة القراءة. كما هو موضح في ورقة السياسة، وجدتُ أنه بعد عام من تعليم "اقرأ"، كانت استيعاب العقل للكتابة العربية لدى طلاب "اقرأ" أقل مجهوداً مقارنة بزملائهم في التعليم المعتاد. يدعم هذا البحث التطوير المستمر لمنهج "اقرأ"، حيث يبدو أن هذه التغييرات تساعد العقل على التعرف على الحروف العربية بسرعة أكبر من المنهج التقليدي.

تعتبر هذه أخبار سارّة للآباء والمعلمين! وهذا يعني أن الفصل بين الأحرف وأسطر الكتابة في وقت مبكر من تعليم الطفل قد يساعد العقل على تعلم قراءة اللغة العربية بشكل أكثر كفاءة. يجب أن يهدف الآباء والمعلمون إلى توفير كتب في المنزل للأطفال لاستخدامها في ممارسة قراءتهم، وعند الإمكان، البحث عن الكتب التي تحتوي على خط أكبر ومسافات أكبر في أول عامين من التعلم.

سيكون من المهم في السنوات القادمة الاستمرار في محاولة تطوير العقل من خلال طرق تعليم القراءة الجديدة، للتأكد من أن أي تغييرات يتم إجراؤها تساعد في تسهيل شبكة القراءة في العقل. نظرًا لأن نمو شبكة القراءة في العقل يستمر حتى مرحلة البلوغ المبكرة، يجب أن يكون الاستثمار في ممارسات تعليم القراءة الأفضل أولوية في السنوات القليلة الأولى من التعليم.

 

تريسي سينتاني هي أستاذة مساعدة في جامعة تكساس كريستيان، حاصلة على درجة الدكتوراه في الإدراك وعلم الأعصاب. 

 



محتوى ذو صلة