الشروع في رحلة إبداعية في رأس الخيمة: الكشف عن قصة مخيّطة
بدأت الرحلة إلى قلب رأس الخيمة كلحظة صدفة، أشعلتها منحة الفنان المقيم. طوال فترة إقامتي التي دامت ستة أشهر، انكشفت أمامي الطبقات النابضة بالحياة من الثقافة والمجتمع والهندسة المعمارية والتقاليد والصداقات والنكهات والسيمفونية الحسية لهذه الزاوية الفريدة من كوكبنا المشترك.
اكتشاف المآذن
تميزت لحظاتي الأولى بمشاهدة 1082 مسجدًا في رأس الخيمة، حيث يمكن رؤية مسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من نافذة مسكني، والذي كان بمثابة مصدر إلهام متواضع بأشكاله الجذابة وهندسته المعمارية المعقدة، وأصبح النقطة المحورية في استكشافي الفني.
مجلة الدكتور صباح السيد سليمان
أخذت الرحلة منحى غير متوقع عندما عثرت على مجلة الدكتور صباح السيد سليمان "بين العمائم وقمة مآذن العصور الوسطى في القاهرة، منهج في تصميم الأساليب". أصبح هذا العمل العلمي القوة التوجيهية، مما أضاف عمقًا فكريًا إلى استكشافي البصري. سلّط بحث الدكتور سليمان الضوء على السياق التاريخي، وكشف عن العلاقة المعقدة بين قمم المآذن وأغطية الرأس التقليدية التي تم ارتداؤها في العصور الوسطى. وبينما كنت أتعمق في صفحات المجلة، اكتشفت التحليل التناظري بين أغطية الرأس وقمم المآذن في مختلف السلالات التاريخية، حيث ساهم كل منها في أساليب فريدة من نوعها في السرد.
الاستكشاف الفني
بدأت الرحلة بدراسة مركزة للمآذن، والتعمق في تصميماتها المعقدة وأهميتها المعمارية. وبينما كنت منغمسًا في هذا الاستكشاف، بدأت في كشف النقاب عن تطور المآذن بمرور الوقت، وفهم كيف أصبحت رموزًا أيقونية للعمارة الإسلامية على مستوى العالم. تكشفت الأيام بالرسومات والصور الفوتوغرافية، التي تجسد جوهر قمم المآذن والعمائم. امتد استكشافي إلى عمان خلال مشاريعي الشهرية، مما أدى إلى توسيع حدود استفساري إلى ما هو أبعد من رأس الخيمة. لقد برز التنوع الهائل في أشكال وأشكال المآذن المنتشرة في جميع أنحاء رأس الخيمة والتي يبلغ عددها 1082 كمصدر إلهام آسر لممارستي الفنية.
في أكتوبر ونوفمبر، أخذتني رحلتي إلى قرية الجزيرة الحمراء التراثية، وهي مرحلة محورية في التحضير للمعرض النهائي. خلال هذه الزيارات، فتحت حواسي بوعي، وأصبحت متلقيًا لعدد لا يحصى من المشاهد والأصوات والروائح والأنسجة التي تحدد النسيج الثقافي والتاريخي.
اتصال بحر الخليج
عندما انغمست في القرية التراثية، اكتشفت رؤى رائعة حول بنائها. وتعرفت على الارتباط الوثيق بالبحر الذي نسج في أساساته، وذلك باستخدام الحجارة المرجانية التي تعكس الروابط التاريخية بين المجتمع وبحر الخليج. هذه المعرفة الجديدة هي المحفز للمعرض المتطور ووضع تصور للتركيب الذي يحمل عنوان "تحت بحر الخليج: الاحتفال بالكرم والدعوة إلى الاستدامة". أصبح هذا التركيب، الذي تم تصميمه على أنه تكريم لبحر الخليج، بمثابة شهادة على العلاقة المستمرة بين الأرض والبحر.
تتراقص سلسلة من مطبوعات النمط الأزرق ونحت الأسلاك بشكل معقد مع الجاذبية الرشيقة للتكوينات المرجانية. تسعى هذه الرحلة الفنية إلى الكشف عن العلاقة العميقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وبحر الخليج، وهي علاقة تاريخية غارقة في الوفرة والعناية الإلهية. لقد منح بحر الخليج، وهو فاعل خير قديم، اللؤلؤ لكسب الرزق، والأحجار المرجانية للبناء، ومناطق الصيد الواسعة. على مدى العقود الماضية، قادت احتياطياتها من النفط والغاز التقدم والثراء، مما استلزم التبجيل والحماية التي لا تتزعزع. وإذ أشيد بكرم البحر، فإنني أدافع بشدة عن الحفاظ عليه.
مع استمرار رحلتي الفنية، خطوة بخطوة، أتوقع بفارغ الصبر مشاركة القصص والذكريات والتأملات الثقافية المترابطة الناشئة عن هذه التجربة الغامرة. يتعدى معرض مهرجان فن رأس الخيمة كونه مجرد عرض فني؛ إنه بمثابة شهادة على الخيوط النابضة بالحياة التي تربطنا جميعًا، والتي تنسج قصة يتردد صداها في قلب رأس الخيمة وتمتد إلى ما وراء الحدود الجغرافية. إن النسيج الذي نسجته، والذي تمثل رأس الخيمة قماشه النابض بالحياة، هو شهادة على قوة الفن في تعزيز الروابط، ومد الجسور بين الثقافات، والاحتفال بالنسيج الغني لإنسانيتنا المشتركة.
كانت هذه الرحلة الإبداعية، التي بدأت بمنحة الفنان المقيم، بمثابة رحلة شخصية وتبادل ثقافي منسوج في نسيج تراث رأس الخيمة المتنوع والغني. إن صدى استكشافي الفني لا يتردد صداه داخل جدران الاستوديو الخاص بي فحسب، بل يمتد عبر المناظر الطبيعية والمناظر البحرية لهذه الإمارة الرائعة. إنه استكشاف للترابط، وشهادة على كيف يمكن للفن أن يكون جسرًا بين العوالم.
ومن خلال مجهودي الفني، أصبحت مآذن رأس الخيمة أكثر من مجرد أعجوبة معمارية؛ إنهم يروون التاريخ والتقاليد والنسيج المعقد للمجتمع الإسلامي. أدى التحول غير المتوقع نحو عُمان في استكشافي إلى تضخيم السرد، وإثراء الخطاب الفني وكشف النقاب عن الفروق الثقافية الدقيقة المشتركة.
كان العمل الأكاديمي للدكتور صباح السيد سليمان، "بين العمائم وقمة مآذن العصور الوسطى في القاهرة، منهج في تصميم الأساليب"، بمثابة قوة توجيهية، توفر عمقًا فكريًا لاستكشافي البصري. إنها شهادة على الروابط العميقة بين العناصر التي تبدو متباينة - العمائم والمآذن - وهي تذكير لكيفية نسج التاريخ خيوطه من خلال الهندسة المعمارية والأزياء والرموز الثقافية.
كان إدراج قرية الجزيرة الحمراء التراثية في هذه الرحلة الفنية بمثابة الصدفة ولكنه جزء لا يتجزأ من هذه الرحلة. وقد قدم الارتباط ببحر الخليج بعدًا جديدًا، ورابطًا تاريخيًا يتجاوز الأناقة المعمارية للمآذن. تتشابك مطبوعات النمط الأزرق ونحت الأسلاك.