المدونات والبودكاست

كانت إقامتي الفنية التي استمرت ستة أشهر مع مؤسسة القاسمي رحلة حقيقية. لم تمنحني تلك الفرصة لتحدي إبداعاتي فحسب، بل علمتني قيمة التبادل الثقافي. بصفتي فنانة مصرية بحرينية مقيمة في دبي، غالبًا ما استلهمت أعمالي من الفن الحضري، حيث نسجت معًا عناصر من التأثيرات العربية والغربية. لهذا السبب، أردت استكشاف وفهم المزيد عن الثقافة الغنية للإمارات الشمالية. لقد مكنني برنامج الفنان المقيم من تطوير ممارستي الفنية خارج حدود بيئة العمل النموذجية الخاصة بي. تم تشجيعي على الاندماج مع جزء غير مألوف من الإمارات العربية المتحدة، والمجتمع والأفراد في رأس الخيمة، والسماح لهذه التجربة لإثراء ممارستي الفنية. بصرف النظر عن جمع الأبحاث وإنشاء الأعمال الفنية، حصلت أيضًا على بيتي الثاني، والتقيت بأشخاص حقيقيين، وكونّت صداقات تركت بصمة في حياتي.

كان هدفي في الأسابيع الأولى هو البحث والتعلم من البيئة الجديدة التي كنت أقيم فيها، مما أتاح لي أن أستلهم من العناصر المحلية الموجودة. كنت أرغب في التعاون مع الحرفيين المحليين لفهم عملية الحرف اليدوية الموروثة عن أجدادهم بشكل أفضل. كان من المهم بالنسبة لي معرفة المزيد عن تاريخ وتراث الحرف الإماراتية وذلك بسبب مدى فخر الأشخاص الذين قابلتهم بمهاراتهم اليدوية. كنت أرغب في تمثيل هذا الفخر في عملي ومشاركة حرفتهم مع جماهير جديدة ومعاصرة. بناءً على ذلك، قمت بزيارة سوق المدينة واستكشفت البيئة الطبيعية في رأس الخيمة والطرق القبلية في الصحراء والجبل والبحر، والتقيت بالحرفيات القبليات من منطقة الجير واستمعت إلى العديد من القصص المذهلة من الغواصين في مزرعة لؤلؤة السويدي. من خلال هذه اللقاءات، تمكنت من الوصول إلى مصادر وروايات فريدة ومذهلة ساعدت في تسهيل عملي الإبداعي.

بعض القطع المفضلة التي قمت بصنعها خلال فترة إقامتي كانت الأعمال الفنية التي رسمتها على خوص شجرة النخيل، وهي الأساس للعديد من الحرف اليدوية الجميلة في دولة الإمارات العربية المتحدة. تعتبر حرفة الخوص من الحرف القديمة حيث استخدمت أوراق شجرة النخيل في تقنية نسج تقليدية لإنتاج منتجات تشمل الصرود، حصائر دائرية للطعام، المكبة، وتستخدم لتغطية الطعام وحمايته، الجفير، سلة لحمل التمور. والمحفة: مروحة للتبريد أو إشعال اللهب. إنه العمود الفقري للفن المحلي. بصفتي فنانة معاصرة، أردت أن أجد طرقًا إبداعية لدمج هذه الحرف اليدوية الثرية في الماضي في عملي. باستخدام الخوص كسطح للرسم، قمت بصنع ثلاثة أعمال فنية بعنوان باليد، والتي تمثل العملية خطوة بخطوة وراء حياكة الخوص. من خلال الرسم على مواد جديدة غير تقليدية، تمكنت من تصوير المهارة الكامنة وراء حرفيات رأس الخيمة واكتساب الفرصة للتجربة والتعرف على عمليتي الخاصة.

من خلال برنامج الفنان المقيم، أنشأت مجموعة من الأعمال الفنية التي روجت لسرد مرئي لمنطقة الخليج واختتمت بمعرض في مهرجان رأس الخيمة للفنون البصرية السنوي العاشر بعنوان إعادة الحياة: تكريم للتقاليد القديمة في المجتمع الحديث. ساهمت الإقامة في نموي الإبداعي، بما في ذلك استكشاف ممارستي الفنية وعرض عملي مع تعزيز العلاقات بين موظفي المؤسسة ومجتمع رأس الخيمة. أدركت أن برنامج الفنان المقيم التابع لمؤسسة القاسمي هو تجربة تعليمية فنية غير رسمية تعمل كإطار علاقي للفنانين ومجتمع إقامتهم. إنها فرصة سأغتنمها مرة أخرى، ولا يمكنني أن أوصي بها بما فيه الكفاية.

باب التقديم لبرنامج الفنان المقيم لعام 2022 مفتوح حتى 1 يونيو.

بيريهان العشماوي فنانة تشكيلية مصرية بحرينية مقيمة في دبي. يستوحي فنها الأساليب المبتكرة للفن المعاصر والحضري، يدمج عملها دوافع من الثقافة العربية والغربية. وكانت بيريهان حاصلة على جائزة الفنان المقيم في المؤسسة من سبتمبر 2021 إلى فبراير 2022.