المدونات والبودكاست

  • المدونات والبودكاست
  • دور العوائل في تعزيز مجتمع وثقافة صحية في دولة الإمارات العربية المتحدة: تأثيرات الأكل الصحي بين الأجيال
pattern@2x

دور العوائل في تعزيز مجتمع وثقافة صحية في دولة الإمارات العربية المتحدة: تأثيرات الأكل الصحي بين الأجيال

 

في عام 2016، تم تصنيف أكثر من 1.9 مليار شخص حول العالم فوق سن 18 عاماً كأشخاص من يعانون من السمنة المفرطة. ومن هؤلاء الأشخاص، كان هناك أكثر من 650 مليون شخص بالغ يعاني من السمنة المفرطة. هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبح انتشار السمنة بثبات مصدر قلق ذو أهمية بالغة على مدى العقود القليلة الماضية، وذلك بوجود نسبة سمنة عالية في الدولة تصل إلى حوالي 32% في عام 2016. وما يثير القلق أكثر من ذلك هو أنه وفقاً لمنظمة الصحة العالمية هناك أكثر من 60% من النساء المقيمات في الإمارات العربية المتحدة مصنفات على أنهن بدينات. ومن المقلق أيضاً هو إفادة إحدى التقارير بأن 25% من الأولاد و 41% من الفتيات (من الفئة العمرية ما بين 6-10 سنوات) يعانون من السمنة المفرطة.

تعد السمنة مشكلة صحية معقدة تؤدي إلى نوعية حياة متدنية وضعف للصحة النفسية، كما تعد مسؤولة عن بعض الأسباب الرئيسية للوفاة المرتبطة بحالات مثل مرض السكري وأمراض القلب والسكتة الدماغية. كما تساهم السمنة المفرطة بشكل مباشر في حالات مرضية أخرى أقل خطورة كآلام أسفل الظهر والتهاب المفاصل. ارتفعت معدلات زيادة الوزن بشكل كبير في العقود القليلة الماضية، ويعود السبب في ذلك إلى مجموعة من العوامل مثل مستوى الفرد، على سبيل المثال النمط الغذائي والنشاط البدني وعلم الوراثة، بالإضافة إلى بعض العوامل الاجتماعية الأخرى مثل البيئة المحيطة، والمستوى التعليمي. على سبيل المثال، أفادت تقارير الدراسة التي تمت مناقشتها أعلاه بأن 43٪ من الفتيات و 38٪ من الأولاد قاموا باستهلاك سعرات حرارية أكثر من احتياجاتهم من الطاقة، بينما أن نشاطهم البدني كان منخفضًا مقارنة بذلك، وذلك بالأخص بين الإناث الإماراتيات (من جميع الأعمار) اللواتي يعشن في المناطق الحضرية. هذا المزيج يؤدي إلى زيادة الوزن غير الصحية ويعزز العادات الصحية السلبية المحتملة.

لا تؤثر السمنة على صحة الفرد وزيادة خطر الإصابة بالأمراض والوفيات، مثل الأمراض المزمنة والوفاة المبكرة وانخفاض الخصوبة فحسب، وإنما لها أيضاً تأثيرات واسعة على المجتمع. من حيث التكاليف للأفراد والمجتمعات والدول، تبلغ تكلفة السمنة في جميع أنحاء العالم ما يقارب 2 تريليون دولاراً أمريكياً سنويًا. يعني ذلك بأن السمنة زادت من تكاليف المعيشة والرعاية الصحية وعدد الإقامات في المستشفيات في العديد من الدول المتقدمة.

بالإضافة إلى ذلك، ترتبط عدة خسائر غير مباشرة للاقتصاد وأصحاب العمل والأفراد بالسمنة. وهي تشمل انخفاض إنتاجية العمل، وانخفاض الأجر المكتسب، وزيادة معدلات تعويض العاملين عن إصابات العمل بالإضافة إلى الإجازات المرضية. أما بالنسبة لأصحاب العمل، تزداد تكلفة توظيف الموظفين الذين يعانون من السمنة بسبب تلك المطالبات الطبية والإجازات المرضية. وللأسف يؤثر ذلك أيضاً على الأطفال، حيث يتم غالباً تفريغهم من المدرسة لحالات الطوارئ الطبية المتعلقة بالأسرة ، أو قد يكونون يعانون من نقص الإنتاجية وزيادة حالات الغياب والإصابات المدرسية، كما أنهم أقل مشاركة في الأنشطة اللامنهجية، مما يجعلهم أقل قدرة على المنافسة في مساعيهم المستقبلية.

لتتم معالجة هذه المشاكل المتزايدة التي تؤثر سلبًا على المجتمع الإماراتي وسكان الإمارات، أطلقت حكومة الإمارات مؤخرًا ثلاث مبادرات وطنية، وهي نموذج الرفاه، وتنفيذ برنامج التغذية المجتمعية، واعتماد البرنامج المجتمعي لأسلوب الحياة النشط الذي من شأنه أن يشجع أفراد المجتمع على ممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي. يساهم اتباع أسلوب حياة صحية، ونظام غذائي صحي، وتبني عادات غذائية أفضل في أن يكون الناس أكثر صحة وأن يبنوا بشكل عام مناخًا صحيًا إيجابيًا، ولكن إن نظرنا إلى المشكلة من منظور دقيق، سنتساءل كيف سيتحول هذا المناخ الإيجابي الذي تدعمه الحكومة إلى عادات صحية في المنازل المحلية؟ بالإضافة إلى ذلك، ما هي الأدوار التي تلعبها العوائل في تعزيز صحة المنزل والمجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة؟

لفهم أفضل حول تأثير وجود 60% من النساء اللواتي يعانين من السمنة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومحاولة إيجاد تدخلات محتملة لعدد الأطفال الذين يعانون من السمنة المفرطة في الإمارات، استكشف بحثنا الأخير عادات الأكل لدى العوائل، كالنساء الحوامل والآباء المستقبليين لفهم أفضل حول تأثيرات السمنة المفرطة بين الأجيال. إذاً، ما الذي علينا معرفته؟

تأثير عادات الوالدين على أطفالهم

يعتبر الآباء والأمهات قدوة لأبنائهم، ويمكن للأطفال أن يتأثروا بمواقف آبائهم وسلوكهم تجاه الطعام. ولذلك، يجب على الآباء التأكد من أنهم يسلكون نمطاً صحياً تجاه الغذاء لكي يتبع أطفالهم ذلك. في البداية، من الضروري أن يتم تثقيف النساء الحوامل والآباء بأن يصبحوا قدوة جيدة لتمكينهم من توفير عادات غذائية وأسلوب حياة صحي لعوائلهم.

كيف يمكننا أن نساعد العائلات على أن تكون أكثر صحة؟

يعد توفير التعليم مع التركيز على التغذية والنظام الغذائي أثناء الحمل عنصراً هاماً لصحة ورفاهية الأم وطفلها. تميل النساء أثناء الحمل إلى أن يكنّ أكثر تقبلاً لاتباع عادات نمط الحياة الصحية كما أنهنّ أعربنّ عن اهتمامهنّ الشديد بالتثقيف في مجال التغذية وعادات الأكل الجيدة. أظهرت دراستنا الأخيرة التي تمولها مؤسسة القاسمي تحسناً في عادات الأكل الصحية للعوائل بعد حضور ورشة الأكل الصحي. ذكرت دراسة أخرى بأن النساء الحوامل اللاتي مارسن نشاطاً بدنيًا ساعدنهن في الحفاظ على حمل صحي.

يلعب الاختصاصيون الصحيون دوراً حيوياً في توفير التعليم والتثقيف الصحي حول الأكل للأمهات الحوامل، لأن ذلك له نتائج إيجابية بالنسبة إلى الحالة الصحية للأمهات والأطفال. أثناء الحمل، هناك فرص لتثقيف الأمهات الحوامل، ولا يقتصر ذلك على الأمهات فحسب، وإنما على الآباء والعوائل أيضاً. لذلك، فإن تخصيص مزيد من الوقت في المواعيد التي تسبق الولادة لمناقشة وتقديم المشورة حول الأكل الصحي وتبني عادات الأكل الصحية أمر يستحق الاستثمار فيه. بالإضافة إلى ذلك، فإنه من الجيد للاختصاصيين الصحيين أن يتعلموا تعليم الأكل الصحي لأنهم بحاجة إلى أن يكونوا على قدرٍ كافٍ من المعرفة والفهم.

التوصيات

تقترح البحوث الحالية استخدام استراتيجيات وبرامج مختلفة لتحسين والحفاظ على التغذية ومعرفة النظام الغذائي للاختصاصيين الصحيين، بالإضافة إلى فهم عادات الأكل ونمط حياة النساء الحوامل والعوائل. أظهر برنامج يوفر التثقيف الصحي حول الأكل للاختصاصيين الصحيين تحسناً في مستوى المعرفة الغذائية عند توفير التثقيف للنساء الحوامل والعوائل.

علاوة على ذلك، تسعى المبادرات الثلاث المذكورة مسبقاً، والتي تم إطلاقها مؤخرًا في الإمارات العربية المتحدة، إلى معالجة مشكلة السمنة المفرطة المتزايدة باستمرار من خلال التركيز على توفير التعليم الصحي للأكل للآباء والأمهات والعوائل. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر التركيز على تعزيز نمط الحياة الصحي وعادات الأكل وزيادة النشاط البدني من خلال حملات التوعية والوقاية الصحية المستمرة استراتيجية مفيدة.

من المهم أن تركز البحوث المستقبلية على رفع مستوى الوعي العام واكتساب أنماط الحياة والسلوكيات الصحية للأفراد بشكل فعال، كما يجب استخدامها لتوجيه برامج التطوير المهني للاختصاصيين الصحيين. إن إجراء دراسة أكبر تضم جميع الإمارات وتوفير التعليم للأمهات الحوامل والآباء وغيرهم من أفراد العائلة لدعم وتطبيع مسارات نمط الحياة الصحية من شأنه أن يعالج مشكلة السمنة المتزايدة في الإمارات العربية المتحدة.

 

لمزيد من المعلومات حول تأثيرات الأكل الصحي بين الأجيال، يرجى الاطلاع على إصدارات مؤسسة القاسمي الخاصة بالصحة.



محتوى ذو صلة