مشاهد من مسرح رأس الخيمة
قد تعتقد أن قباطنة البحر المكيدين، وطيور البطريق المغنية، ونجوم وسائل التواصل الاجتماعي الذين يرقصون السالسا لا يكون لهم الكثير من القواسم المشتركة، ولكنهم يتشاركون في سمة واحدة على الأقل و هي أنهم أبهروا المسرح من خلال العروض المسرحية التي تم تقديمها في إمارة رأس الخيمة.
الفن المسرحي في رأس الخيمة له تاريخ بارز. تطالب الإمارة بالمسرح الأول في الإمارات العربية المتحدة، وكان صنّاع المسارح فيها من رّواد الفن في الإمارات، حيث قاموا بإنشاء عروض مسرحية منذ عام 1969 – حضرها وعلّق عليه الشيخ زايد آل نهيان، الوالد مؤسس دولة الامارات.
حققت فرقة مسرح رأس الخيمة الوطني، التي تأسست رسمياً في عام 1976، منذ أيامها الأولى توازناً دقيقاً بين التقاليد والابتكار، بين المحلي والعالمي. منذ البداية، سارعوا إلى التعرف على المواهب المحلية والاستفادة منها بالإضافة إلى الخبرات من جميع أنحاء الخليج. أمضى الكاتب المسرحي البحريني الشهير خليفة العريفي، على سبيل المثال، أكثر من ست سنوات، من 1978 إلى 1984، في مجال التمثيل وإخراج المسرحيات لفرقة مسرح رأس الخيمة الوطني.
تضمنت أعمال العريفي في رأس الخيمة، في عام 1981، مسرحية سبع ليالٍ للمؤلف البحريني راشد المعاودة. تدور أحداث المسرحية في قرية خليجية في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، وتصور مسرحية سبع ليالٍ الصراع بين القرويين الجائعين، وعصابة من النوخذة الأثرياء (قباطنة قوارب صيد اللؤلؤ)، ومعلم حسن النية يحاول إقناع القباطنة الجشعين بتوزيع كنوزهم من التمور لإطعامها للفقراء، قبل أن يتحول حزن القرويين وغضبهم إلى ثورة دموية.
أثارت المسرحية رد فعل عنيف عند عرضها الأول في مملكة البحرين في شهر يوليو 1971، قبل حصول الجزيرة على استقلالها. لم يكن الصراع الطبقي العنيف، ولا تمثيل السلطة الدينية في شخص إمام جبان وفاسد، محل اهتمام السلطات، تم حظر المسرحية وسجن المؤلف والمخرج. وحتى بعد مرور عشر سنوات، كان الأمر يتطلب بلا شك شجاعة من جانب العريفي وفرقة رأس الخيمة لمعالجة مثل هذا الموضوع المثير للجدل.
على مدى العقود اللاحقة، واصلت إمارة رأس الخيمة دعم أعمال الكتّاب المسرحيين المحليين والإقليميين وصنّاع المسرح. نجحت المدارس المحلية في استخدام الأداء كأداة تعليمية، حيث شهد العرض المسرحي لرائعة شكسبير «انطونيو وكليوباترا» في مدرسة جلفار الثانوية للبنات مثالاً بارزًا على ذلك. كما استخدمت جمعية شمل للفنون والتراث الشعبي والمسرح الدراما كوسيلة للترفيه عن الجمهور في نفس الوقت التذكير بقيمة المستوى التعليمي.
وفي الوقت نفسه، استمرت فرقة مسرح رأس الخيمة الوطني في تقديم عروضها بانتظام في أماكن ومهرجانات في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة، مثل المجمع الثقافي في أبوظبي ومهرجان أيام الشارقة المسرحية. لقد برعوا في إنتاج مسرح للأطفال، مع مسرحيات مثل البطاريق تغني(2014) مغارة العجائب (2015)، وكلاهما حصل على عدد كبير من الجوائز في مهرجان مسرح الطفل الإماراتي.
وبتوجيهات من مخرجين مثل مرعي الحليان ومبارك خميس، واصلت الفرقة أداء مسرحيات تحتوي على قدر لا بأس به من النقد الاجتماعي، لجمهور من جميع فئة الأعمار. لقد قدّموا مرارًا وتكرارًا مسرحيات يسحق فيها الآباء المستبدون والتسلسل الهرمي الاجتماعي الصارم أحلام الشباب بالحب (البوشية، 2017، ولاماس المواجة، 2020)، أو يتخلى فيها الشخصيات عن بوصلتهم الأخلاقية لملاحقة المال أو الشهرة (موال حدادي، 2018، تلايا الليل، 2019. قدمت الفنانة دلال الياسري صورة لا تُنسى في تلايا الليل مثل حمدة، وهي شابة تتجسد شخصيتها - من الابنة المتدينة لمؤذن إلى مؤثرة إنستجرام تتباهى بمهاراتها في الأزياء والمكياج والرقص - موضحة بذلك سطحية المشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومع ذلك، على الرغم من كل التاريخ الطويل ومجموعة الأعمال المسرحية الهامة التي يتم أداؤها هنا، فإن رأس الخيمة لا تظهر إلا قليلاً في تاريخ المسرح في المنطقة. تركز حسابات المسرح المعاصر في الإمارات بشكل حصري تقريبًا على العروض والأنشطة المسرحية في دبي وأبوظبي والشارقة. تهدف ورقة السياسة التي أقوم بصياغته، من بين أمور أخرى، إلى تقديم بعض التوصيات لإبراز مكانة المسرح في رأس الخيمة، وللمساعدة في جعل تاريخه معروفًا بشكل أفضل.
على الصعيد الشخصي: وصلت إلى رأس الخيمة لإجراء بحثي قبل وقت قصير من بدء انتشار فيروس كورونا المستجد-19 في الإمارات العربية المتحدة، وأنا ممتنة بصدق لمؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة على دعمها. قدمت، شخصيًا ومن بعيد، خلال هذه الأوقات المضطربة بشكل غير متوقع.
إذا كنت ترغب في التعليق على هذه المدونة أو مشاركة تجاربك في الحضور أو المشاركة في الإنتاج المسرحي في رأس الخيمة، يمكنك التواصل مع الكاتب على البريد الإلكتروني: khennessey@auk.edu.kw
لمعرفة المزيد عن المسرح في رأس الخيمة وشبه الجزيرة العربية، استمع إلى سلسلة المدونة الصوتية الفن المسرحي في شبه الجزيرة العربية مع الضيفة كاثرين هينيسي.