يونيو 29,2021
وباء كوفيد-19 المستجد: نقطة تحول للتعليم الخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
خلال الأسابيع القليلة الماضية، تم استخدام كلمة "أزمة" للإشارة إلى وقت يتسم بغاية الصعوبة، والخطورة، أو بالأحرى المعاناة. في الظروف الحالية والأقل شيوعًا، تصف الأزمة نقطة تحول في المرض، أو سلسلة من الأحداث حيث تكون النتيجة المحتملة إما أن يتحسن الوضع الحالي أو يزداد سوءاً.
في ضوء إغلاق العديد من الأعمال التجارية والمدارس في جميع أنحاء الدولة، والركود الاقتصادي الذي يشهده العالم اليوم، لم يتضح إلى الآن كيف سيؤثر وباء كوفيد-19 المستجد على المدارس الربحية، التي تعمل بشكل فعّال كمؤسسات لخدمة المصلحة العامة. من المرجح أن تتبع هذه الفئة من المدارس، القرارات التي تم اتخاذها بشأن الرسوم الدراسية والموظفين، والتي من شأنها أن تؤثر بشكل خاص على الأسر ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة. حيث يمكن أن يمثل وباء كوفيد-19، بالفعل نقطة تحول للمدارس الربحية في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي لن يقتصر دورها في تحقيق الأرباح فقط ولكنه قد يتضمن أيضاً تغطية التكاليف والالتزامات المالية الأخرى.
في الإمارات العربية المتحدة، يتسم التعليم بوجود نسبة متزايدة من التحاق الطلبة في المدارس الخاصة. حيث تتولى إمارة دبي قيادة هذا الاتجاه مع نسبة تفوق 80% من مجموع الطلبة في المدارس الخاصة، وذلك تزامناً مع تقلص عدد الطلبة الدارسين في المدارس الحكومية. علاوة على ذلك، يسيطر قطاع التعليم الخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة على العاملين في المدارس الربحية، حيث يقومون بإدارة أكثر من 80% من إجمالي عدد المدارس الخاصة في الإمارات العربية المتحدة. نظرًا لأن المدارس الحكومية تخدم الطلبة الإماراتيين حصريًا وعدد قليل من الطلبة الناطقين باللغة العربية، فإن المدارس الخاصة هي الخيار الوحيد للطلبة المغتربين. والأهم من ذلك، تفرض بعض المدارس الخاصة رسوم دراسية سنوية قدرها أو قد تتجاوز 100,000 درهم إماراتي.
استناداً على البيانات السابقة التي أشار إليها المسؤولون التنفيذيون في مجال التعليم، والتي وصفت بأن التعليم أصبح نوعاً من الاستثمار والذي يتصف بأنه "مقاوم للركود" وقع هذا النوع من الاستثمار على مسامع متحمسة، حيث حقق المستثمرون ومشغلو المدارس أرباح مالية تفوق 7 مليار درهم إماراتي، من أرباح التعليم الخاص خلال السنوات السابقة. في حين أنه من الصحيح أن الدراسات أظهرت ارتفاعًا في إنفاق الأسر الأمريكية على التعليم خلال فترة الركود الكبير، فإن التوقعات الحالية لما بعد أزمة وباء كوفيد-19، ترسم لنا صورة أقل وردية. في الإمارات العربية المتحدة، كانت التجربة على مدى السنوات الأخيرة هي أن الآباء وأولياء الأمور يرغبون دائماً في الحصول على جودة الخدمة التي يدفعون مقابلها، على سبيل المثال، تقوم أكبر سلسلة من المدارس في دولة الإمارات العربية المتحدة بالترويج لمنهجية "نموذج الطيران" في التعليم. ضمن هذا النموذج، يتلقى الطلبة تعليماً يعتمد على إمكانية أولياء الأمور المالية في تسديد الرسوم الدراسية. وهذا يعني أن هناك علاقات واضحة بين هياكل الرسوم الدراسية وجودة التعليم الذي يحصل عليها الطلبة.
بالرغم من توقعات بعض أصحاب المدارس بأن أولياء الأمور يؤثرون إمساك الطعام مقابل إرسال أطفالهم إلى "المدرسة الصحيحة"، إلا أن التوقعات الاقتصادية المؤلمة الحالية إلى جانب فقدان الوظائف وإغلاق المدارس في جميع أنحاء الدولة، قد أفسدت إقبال الأسر على المدارس ذات المستوى الراقي المتواجدة في الميدان التعليمي. في فترات الركود السابقة، شعرت تلك الصناعات التي تشكل نسبة كبيرة من اقتصاد دبي، مثل الطيران، والضيافة، والسياحة، بالتباطؤ في الطلب عليها وذلك على المدى المتوسط إلى البعيد. في حالة هذا الوباء، مع ذلك، أثرت عمليات الإغلاق والاجازات الطويلة المدى في هذه القطاعات بالفعل، على سبل عيش الموظفين، الذين أصبحت أسرهم الآن الأكثر عرضة لتسديد رسوم المدارس الثانوية.
تتطرأ أحد الأسئلة الملحة التي يجب طرحها وهي ما إذا كان نموذج التعليم الربحي يحمي بشكل كافٍ مصالح الطلبة، وأولياء الأمور، والموظفين الأكاديميين خلال هذا الوباء والركود اللاحق والمحتمل.
على مدار الأشهر القليلة المقبلة، والصعبة، يجب على المدارس الربحية أن تستجيب لاحتياجات الطلبة، وأولياء الأمور، والمعلمين، والمساهمين، بالرغم من أن ترتيب الأولويات واضحًا. في حين دعت السلطات في دبي إلى إيجاد "حل وسط" بين مديري المدارس وأولياء الأمور في إدارة التغلب على هذه الأزمة، فإن غياب لوائح حكومية واضحة تجعل تعطيل عمل الموظفين المساعدين، طريقة معقولة لكي يستمر مشغلو المدارس في تحقيق أرباحهم. بالرغم من أن مساعدي التدريس وغيرهم من الموظفين غير الأساسيين قد يكونوا أكثر قابلية للاستغناء عنهم مقارنة بالمعلمين، فإن الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة والذين هم في أدنى حالة من الطيف الاجتماعي والاقتصادي، من المرجح أنهم سيعانون بشكل غير متناسب من هذا التغيير. بينما نمضي قدمًا، ستحتاج جميع المدارس الخاصة إلى ضمان احتفاظها بموظفيها مع إدارة التكاليف والعجز المحتمل في الميزانية المالية في الوقت نفسه. من أسوأ السيناريوهات التي قد تظهر بعد انقضاء هذه الفترة، هي عدم مقدرة المدارس على تلبية احتياجات التوظيف في شهر سبتمبر المقبل، وذلك بسبب القرارات المتسرعة التي تم اتخاذها خلال هذه الأزمة.
بالنسبة للحكومة، من المهم أيضًا النظر في مدى تدخلهم في قطاع التعليم الخاص الربحي وكيف يمكنهم المضي قدمًا لضمان استمرارية التعليم في قطاع مستقر ومستدام. مع سيطرة بعض ممثلي كبار الشخصيات على المشهد، قد يكون من المفيد التفكير في تنوع الخيارات بما في ذلك الحوافز لإنشاء المزيد من المدارس غير الربحية في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة.
نظرًا لأننا جميعنا نأمل في العودة إلى وضع الحياة الطبيعي في أقرب وقت ممكن، دعونا نكرّس بعض الوقت معاً للتفكير في أجزاء النظام القديم التي نود الرجوع إليها وكيف يمكن أن نبتكر نمطًا طبيعيًا جديدًا من الممكن أن يكون أكثر إنصافًا. قد يكون الدرس المستفاد من تداعيات هذا الوباء هو أننا يجب أن نسعى جاهدين لإنشاء نظام مدرسة خاصة مستدامة ومرنة على الصعيد المالي والتي من شأنها تعزيز التحصيل الأكاديمي للطلبة بغض النظر عن المضمون الربحي.
في سلسلة مدونات التعليم في أوقات مضطربة، تستكشف مؤسسة القاسمي كيفية تأثير COVID-19 على الطلبة والمعلمين والإداريين والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة. حيث تقدم أفكار ورؤى عن الوضع الحالي للتعليم، وأيضًا في السياسة والتمويل. تقدم هذه السلسلة أيضاً اقتراحات لصانعي القرار وعامة الناس حول كيفية الحفاظ على جودة التعليم لجميع الطلبة في هذه الأوقات المضطربة. إذا استفدت من هذه المدونة، فإننا نشجعك على قراءة المدونات الأخرى في سلسلة التعليم في أوقات مضطربة.